انتشر مؤخراً على مواقع الإنترنت تسجيل (اضغط هنا) على نطاق واسع حتى وصلت مشاهداته إلى الملايين. وكان التسجيل لشاب يضرب سيدة محجبة في منطقة ما في أوروبا في إحدى شوارع العاصمة الهولندية، وكان الشاب يضرب الفتاة المحجبة ضرباً قاسياً ويخنقها وهو يتهدد ويتوعد بلغة عدوانية وسط جموع من المتفرجين ومصوري الحدث.
انتشر هذا التسجيل على مواقع الانترنت وسط موجات صدمة واستنكار من المسلمين العرب والجاليات العربية في بلاد الغرب أيضا، وشجب المشاهدون هذه الجريمة الشنيعة التي رأوا بأنها تمثل جرائم الكراهية والحقد الغربي على المسلمين وخاصة المحجبات.
بعد بحث أجريناه تبيّنَ للأسف الشديد أن هذه الجريمة لم تكن صادرة من شاب غربي يضرب امراة بدافع الكراهية للإسلام والحجاب، بل كان هذا المعتدي الأحمق شابٌ عربيٌّ من أصول مغربية مقيم في هولندا، وكان يضرب الفتاة بتلك الطريقة البشعة بسبب مشكلة شخصية بينه وبينها إثر خلاف نشب حول تطبيق “السنابشات Snapchat” المنتشر على أجهزة المحمول.
للأسف، اتّضح أن الذي يسيء للمسلمين والمحجبات ليس الغرب، بل نحن العرب والذين هم من جلدتنا ولساننا، فنحن هو العدو الأكبر لأنفسنا.
لقد استنكرنا هذه الحادثة التي صدرت من رجل عربي ونسبناها زوراً وبهتاناً للأجانب بدل أن نلوم أنفسنا على مثل هذا التصرف البشع.
ولقد علمنا بعد انتشار التسجيل بأن الشاب المعتدي صاحب الجريمة قد اضطر لتسليم نفسه للشرطة الهولندية (الخبر هنا)، وذلك بعد ظهور ملامح وجهه في التسجيل، فأصبح المشتبه به معروفاً على مستوى العالم. ولأن بلاد الغرب معروفة بمبادئها القائمة على العدل والإنصاف الذي لا يميّز بين جنس وعرق ومذهب ودين، فيمكن أن نؤكد أن هذه الفتاة العربية ستحصل على حكم عادل من المحكمة، فلا مجال للنفوذ أو الرشاوي كما كان ليحدث لو جرت هذه الجريمة في بلادنا، هذا على افتراض أن الشاب سيسلّم نفسه خوفاً لو كان في بلادنا، ولكن كيف يقوم بذلك وعشيرته تقدم له الحماية والدولة عاجزة عن الوصول إليه.
إن هذه الحادثة تكشف عوارنا، وتكشف واقعنا الذي يحصل في بلادنا. إن جرائم العنف ضد النساء في البلاد العربية أصبحت حدِّث ولا حرج حتى أن تقدير هيئة الأمم المتحدة للواقع العربي في هذا الموضوع هو 37% (المراجع هنا)، كما يذكر نفس المصدر أن كل ١٠ ضحايا من النساء في بلادنا، ٤ منهن ضحايا قتل على يد أزواجهن المفترض بهم حمايتهن من الأخطار. عدا عن ذكر باقي المخاطر التي تحدق بالمرأة في مجتمعنا العربي.
لقد استنكرنا جريمة ضرب الفتاة المحجبة عندما ظننا أن الذي قام بها شاب غربي، لكن ما عسانا نفعل الآن بعد أن عرفنا أن صاحب الجريمة هو شخص عربي؟
ما مصير غيرتنا على نسائنا وماذا سنفعل تجاه حقوق المرأة في بلادنا العربية؟
هل سنستنكر ام سنلتزم الصمت؟