يرتبط إبراهيم الصوفي، شاب يمني ينتمي إلى الطائفة الأحمدية، إحدى الفرق الإسلامية الحديثة، بعلاقات جيدة مع محيطه الاجتماعي ذي الغالبية السنية والزيدية في اليمن، لكنه لا يخفي تعرضه لانتقادات كثيرة بسبب معتقداته الدينية المخالفة لهذا المحيط.
يقول الصوفي (39 عاما)، والذي يعمل مدرسا في مدرسة حكومية بصنعاء “مشكلتنا هي في جمود عقول كثير من اليمنيين، إذ لا يتقبلون أي نقاش حول الفكرة التي نؤمن بها”.
والأحمديون هم طائفة إسلامية أسسها ميرزا غلام أحمد، الذي ولد في بنجاب (شمال الهند) في القرن الـ19 الميلادي، ويؤمن أتباع طائفته بأنه “المهدي المنتظر” أو المخلص الذي بشرت الأديان بمجيئه في آخر الزمان، الأمر الذي يجعلهم في نظر كثيرين من المسلمين خارجين عن الإسلام.
ويقدر عدد أبناء الطائفة الأحمدية في اليمن بنحو 300 شخص ينتشرون في مختلف محافظات البلاد، حسبما أفاد عامر علي، وهو أحد أفراد الطائفة التي دخلت إلى اليمن مطلع القرن العشرين.
يؤكد عامر أن “أول ظهور للأحمديين في اليمن كان عام 1900 في مدينة عدن حيث انتشرت الدعوة بشكل كبير خلال فترة الاحتلال البريطاني”.
ويتابع أنه بعد خروج البريطانيين في 30 تشرين الثاني/ نوفمبر 1967، “تعرض الأحمديون للمضايقات من السلطات فأخمدت دعوتهم، ولكن في عام 2007 وثق عشرات الأشخاص بيعتهم للجماعة بفضل مشاهدة محطة تلفزيونية فضائية تبث أفكار الطائفة الأحمدية”.
أتباع الإسلام الحق
ويعتقد عامر علي (27 عاما)، وهو موظف حكومي في صنعاء، أن أبناء طائفته هم أتباع الإسلام “الحق والصحيح”، على حد تعبيره.
ويضيف “نؤمن قطعا بأن سيدنا ونبينا محمد هو خاتم النبيين وسيد الأولين والآخرين، ونؤمن بمن سبقوه من الأنبياء. وشعارنا هو: المحبة للجميع ولا كراهية لأحد، والإسلام دين السلام”.
لكن منظمة التعاون الإسلامي، واليمن عضو مؤسس فيها منذ عام 1969، قررت عام 1973 اعتبار هذه الجماعة “خارجة عن الإسلام”.
استياء
ولا يخفي عامر علي استياءه من اتهام جماعته بالخروج عن الإسلام، والافتراء على “الإمام المهدي” والقول إن مؤسس الدعوة الأحمدية “ادعى النبوة وجاء بكتاب جديد”.
وتابع “هذه افتراءات. لا كتاب لنا سوى القرآن الكريم وسنة المصطفى وديننا الإسلام وقبلتنا مكة”.
ويوضح أن الاختلاف يكمن في تفسير بعض الأمور حول أنبياء ورد ذكرهم في الكتب الإسلامية وحول أمور أخرى “تتعلق بانقطاع الوحي”، لافتا إلى أن الأحمديين يعتقدون أن النبي عيسى “مات مثل بقية الأنبياء” بعكس باقي المسلمين الذين “يؤمنون بأنه حي في السماء، وسينزل في آخر الزمان”.
ويتهم مؤسس الجماعة ميرزا غلام أحمد بإلغاء فريضة الجهاد في الإسلام، لكن عامر يقول “إن الأمر يتعلق فقط بمنع استخدام القوة لإكراه الناس على اعتناق الإسلام”.
“الإمام المهدي والمسيح الموعود جاءا بالتعاليم الإسلامية الصحيحة”، برأي عامر علي، ولكنه ينتقد فهم عامة المسلمين للإسلام “إذ أصبحوا يؤمنون بظاهر الدين وتركوا الأشياء الروحانية والمعرفة الحقيقية للتوحيد والعلاقة بين الإنسان وربه”، على حد قوله.
يشوهون الإسلام
وبالرغم من أن رجل الدين اليمني البارز شمس الدين محمد شرف الدين، الذي عينه الحوثيون مفتيا للديار اليمنية، لم يخرج صراحة أفراد هذه الطائفة من الإسلام، إلا أنه قال “إنهم مخطئون بشكل كبير جدا بإنكار المسلمات وتفسير النص بغير محله”، على حد تعبيره.
ويضيف شرف الدين، وهو أحد كبار علماء الزيدية في اليمن، “أنا ﻻ أقول إنهم مرتدون لكنهم يشوهون الدين الإسلامي”.
آراء الشارع
وتتباين ردود الموطنين اليمنيين حول مدى تقبلهم لفكرة التعايش مع أبناء الطائفة الأحمدية بين القبول والرفض، لكن الغالبية العظمى قالت إنها لا تعرف شيئا عن هذه الطائفة الدينية.
ويقول فهد قاسم (41 عاما)، وهو يمني ينتمي إلى حزب التجمع اليمني للإصلاح، الذراع المحلية لجماعة الإخوان المسلمين، إن “الأحمديين جماعة منحرفة لأن فكرتهم غير صحيحة، لا يوجد نبي بعد نبينا محمد”.
كما يعتبر أن فتح هذا الملف في الوقت الراهن “تضخيم لحجم الأحمديين في اليمن”.
وعلى العكس من ذلك، قال ماهر نصر، وهو شاب يمني ثلاثيني وخريج جامعي، إن “من حق هؤلاء ممارسة طقوسهم الدينية بحرية، والإيمان بما يريدون”.
وفي ظل هذه الأجواء، يقول عامر علي إن الأحمديين في اليمن لا يتعرضون لأي تضييق من السلطات، لكنه أبدى مخاوف جادة من تصاعد نفوذ الجماعات الإسلامية المتطرفة مثل تنظمي القاعدة وداعش، مع ما قد يترتب على ذلك من تضييق على حرية العقيدة واضطهاد فكري وديني.